اسم الله الرحمــــــــــــــن
ورد في القرآن والسنة
مطلقا معرفا ومنونا
مفردا ومقترنا مرادا به العلمية ودالا على كمال الوصفية ،
وقد ورد المعنى مسندا إليه محمولا عليه
كما جاء في قوله تعالى : ( الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ) [الرحمن:1/2] ،
وقوله : ( قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى )
[الإسراء:110] ،
وقد ورد الاسم في خمسة وأربعين موضعا من القرآن
اقترن في ستة منها باسمه الرحيم ،
ولم يقترن بغيره في بقية المواضع ،
قال تعالى : ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ )
[الحشر:22] ،
وقال : ( تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم ).
ومعنى اسم الله الرحمن
الذي ورد في القرآن والسنة
هو اتصاف المسمى برحمته لكافة خلقه
بأن خلقهم ورزقهم وأمهلهم فيما خولهم واستأمنهم ،
ابتلاء لهم إلى حين لقيآه ؛
فرحمته وسعت كل شيء
وهي من أعظم صفاته بالنسبة لعباده ،
لأنها في الدنيا شَمِلَت المؤمنين والكافرين
فبها تنفتح أبواب الرجاء والأمل
وتثير مكنون الفطرة وصالح العمل وتدفع أبواب الخوف واليأس
وتشعر الشخص بالأمان والأمان .
والله عز وجل غلبت رحمته غضبه ،
ولم يجعل الله لنا في الدنيا إلا جزءا يسيرا من واسع رحمته ،
به يتراحم الناس ويتعاطفون ،
وكذلك سائر الأحياء في الأرض أجمعون
كما ثبت في صحيح البخاري من حديث
أبي هريرة رضى الله عنه أنه سَمِع رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :
( جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ ،
فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا ، وَأَنْزَلَ فِي الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا ،
فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ حَتَّى تَرْفَعَ الْفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ ).
وفي رواية أخرى عند البخاري :
( إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ
فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً ،
وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً ،
فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْأَسْ مِنَ الْجَنَّةِ ،
وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النَّارِ ).
فالرحمة التي دل عليها اسمه الرحمن رحمة عامة
تظهر في أهل الدنيا مقتضى العلة
وتحقق في خلقهم غاية الحكمة ،
فمن رحمته أنه أنعم عليهم وفيهم من يشكر أو يكفر فقال تعالى :
"وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ "[القصص:73] ، وقال :
" وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً "
[الفرقان:48] ، وقال
"فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا
إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "[الروم:50].
ولما كانت الرحمة التي دل عليها اسمه الرحمن
رحمة عامة بالناس أجمعين في الدنيا
فإن الله عز وجل خص هذا الاسم
ليقرنه باستوائه على عرشه في جميع المواضع التي وردت في القرآن والسنة ،
فقال تعالى : " الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى " [طه:5] ؛
وعند البخاري من حديث أبي هريرة رضى الله عنه
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم قَالَ :
( فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ ).
وذلك لأن الله فوق الخلائق أجمعين سواء كانوا مؤمنين أو كافرين ،
فحياتهم قائمة بإذنه وأرزاقهم مكنونة في غيبه وبقائهم رهن مشيئته وأمره ؛
ومن ثم لا حول ولا قوة لهم إلا بقوته وحوله ،
فهو الملك الذي استوى على عرشه ودبر أمر الخلائق في مملكته
برحمته وحكمته قال تعالى :
" الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ
ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً "
[الفرقان:59]
هو الله الرحمــــــــــــــــــن